صندوق النقد الدولى ام صندوق النكد الدولى

القائمة الرئيسية

الصفحات

صندوق النقد الدولى ام صندوق النكد الدولى

صندوق النقد الدولى
صندوق النقد الدولي
د.مصطفى بدوى

صندوق النقد الدولي 

هو مؤسسة مالية دولية مقرّها العاصمة الأمريكية واشنطن، ويبلغ عدد الدول الأعضاء في الصندوق 190 دولة . 
ومن اهداف صندوق النقد الدولى,الحفاظ على الاستقرار المالي العمل على رعاية التعاون النقدي الدولي, تسهيل التجارة الدولية، والحثّ على رفع معدلات التوظيف والنمو الاقتصادي المستدام مع العمل , والعمل على تقليص الفقر في مختلف أنحاء العالم, ولكن هل تم تحقيق هذه الأهداف حقا؟
  في عام  1944تأسس صندوق النقد الدولي, وبدأ عمله في 27 ديسمبر عام 1945 في مؤتمر بريتون وودز ، و بدأ العمل الرسمي لصندوق النقد الدولي في عام 1956 عندما شاركت 29 دولة في تأسيسه بهدف إعادة هيكلة النظام المالي الدولي.
 يلعب صندوق النقد دورًا مركزيًا اليوم في إدارة مشكلات ميزان المدفوعات والأزمات المالية العالمية. تساهم الدول في تمويل احتياطات الصندوق عبر نظام الحصص الذي يسمح للدول باقتراض المال عندما تواجه مشكلات في ميزان المدفوعات.

المخاوف والانتقادات

ولكن هل يقوم صندوق النقد الدولي بدور الفارس النبيل حقا؟ وهل يقوم بدور المنقذ الاقتصادي للدول حقا أم له مأرب أخرى ,مثل انتهاك سيادة الدولة المقترضة , والعمل على خدمة مصالح الدائنين وا صحاب رؤوس الأموال ,وهذه من ابرز الانتقادات الموجهة لصندوق النقد الدولي .
يقول المفكّر الاقتصادي والباحث بجامعة سنغافورة الوطنية علي القادري أنّ تركيبة المديونية في دول الجنوب العالمي أصبحت بمثابة استثمارٍ اقتصادي سياسي من قِبَل الدول الكبرى، وخصوصاً في تطبيقها على الدول العربية التي أصبحت ساحةً للصراعات الدولية والإقليمية، بحيث أنّها "استثمارٌ في احتواء القرار والقدرة السياسية والعمل السياسي المناهض للإمبريالية في المنطقة".
 ويمكن الاستدلال على ذلك, بتجربة مصر في القرن التاسع عشر , فقد أدت استدانة الدولة المصرية من الدول الأوروبية في ذلك الوقت إلى تسليم القرارات المتعلقة بالسياسة المالية , إلى هذه القوى بعد تخلّف الدولة عن سداد الديون، وبالتالي الإعفاء من الديون مقابل التنازل عن حق إدارة قناة السويس، وانتهى الامر بعد ذلك بالاحتلال العسكري بحجة الحفاظ على الحقوق والممتلكات الأوروبية. وهكذا نرى أن الديون والقروض سبب مباشر ورئيسي فى تحجيم الخيارات السياسية والاقتصادية للدول, وإخضاع قراراتها الاقتصادية والسياسية , لمنظومة مالية واقتصادية دولية تديرها الدول الكبرى التي أنشأت هذه المنظومة.

مع التذكير 

أن للولايات المتحدة الأميركية 16.5% من مجمل حقوق التصويت في مجلس إدارته، وبالتالي لها منفردة حق الفيتو, على قرارات المجلس المهمة التي تحتاج إلى أغلبية 85% من أصوات المجلس لتمريرها، ووفقا لهذا تصبح أمريكا المسيطرة والمهيمنة الأمر على قرارات الصندوق ونظامه الأساسي , مع ملاحظة أن رئاسة الصندوق دائما من نصيب  مسؤولٍ أوروبي فيما تذهب رئاسة البنك الدولي إلى مسؤولٍ أميركي

تجارب بعض الدول مع صندوق النقد الدولي

ا- التجربة البرازيلية

مع بداية الثمانينيات، اقترضت البرازيل من صندوق النقد الدولي، وقامت البرازيل بتنفيذ شروط الصندوق ، معتقدة انها بذلك سوف تصل لحل ازمتها الاقتصادية، ولكن الذى حدث أن هذه الشروط أدت إلى تسريح ملايين العمال، وخفض أجور باقي العاملين، بالإضافة الى إلغاء الدعم عن التعليم ,حتى وصل الأمر إلى تدخل دول أخرى في السياسات الداخلية للبرازيل، ووصل الامر الى فرض البنك الدولي على الدولة أن تضيف إلى دستورها مجموعة من المواد،  التي تسببت في اشتعال الأوضاع السياسية الداخلية.

وعلى الرغم من أن الأزمة استمرت 12 عاما حتى تمكنت البرازيل من سداد القروض بالكامل، ولكن أثارها امتدت الى مدى بعيد، وأصبح 20% فقط من البرازيليين يمتلكون نحو 80% من ثروة البلاد، و1% فقط يحصلون على نصف الدخل القومي، ما أدى إلى هبوط ملايين المواطنين تحت خط الفقر مما دفع البرازيل إلى الاقتراض من الصندوق مرة أخرى بواقع 5 مليارات دولار، للخروج من الأزمة.

 2-التجربة التركية

 الازمة الاقتصادية في تركيا بـدأت مـع بدايـة تـدخل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في الاقتصاد التركي عام 1999,تحت شعار مكافحة التضخم الذي صاحب الاقتصاد التركي منذ نشأة الدولة التركية الحديثة، وخلال ثلاث سنوات من هذا التدخل وقع الاقتصاد التركي بكامله تحت قبضة صندوق النقـد الدولي, ليسجل أسوأ أداء له منذ اكثر من نصف القرن، حيث أصبحت جميع مـوارد البلاد موجهة لخدمة القروض التي قدمها الصندوق،  هذا يعنـي ان الولايـات المتحـدة سيطرت على القرار السياسي التركي من خلال السيطرة على اقتصادها. 
تفجرت الأزمة الاقتصادية فى تركيا عام 2000 اثر شروط صندوق النقد الدولي لمكافحة التضخم بدءا من الطلب بتصفية البنوك الخاسرة، وهو ما كشـف عن فساد كبير في هذه المصارف تورط فيه مسؤولون كبار في الدولـة،
و باقي الشروط التي كانت أساس خطة وضعها وزير الاقتصاد التركـي كمال درويش,  وتتضمن هذه الخطة تخفيض الإنفاق الحكومي، تعزيز العائـدات الضريبية، التوسع في برنامج الخصخصة، إعـادة النظـر فـي الـدعم الزراعي الذي تقدمه الحكومة، إصلاح البنك المركزي ومصادرة الملكية وذلك بمنع البنك من منح أية اعتمادات مالية إلـى المؤسسـات العامـة, المنهارة مالياً، إعادة تنظيم إجراءات عمليات الشراء الرسمية للأراضـي من قبل الدولة واقتصارها على ما هو ضروري، رفع الدعم عن بعـض السلع الاستراتيجية، تجميد المطالبة برفع الأجور في القطاعين الخـاص والعام، خصخصة بعض الشركات الكبرى ،

نتائج  وتداعيات شروط  برامج صندوق النقد الدولي

انهيار برنامج مكافحة التضخم وبقيت نسبة التضخم مع نهاية العام 2001  44%, تفاقم ظاهرتي المديونية وعدم الثقة فى النظام المالي.
ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، انهيار العملة التركية، تبددت المدخرات بنسبة 45 ،%وتضاعفت أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات. كمـا أن رفع الدعم عن السلع الأساسية، ، زاد من الأعباء الاقتصادية على المواطن التركي..
- التجربة التركية رغم صعوبتها  لا يمكن وصفها بأنها فاشلة، خاصة أن الحكومة التركية تمكنت من التفاوض مع الصندوق من أجل الوصول إلى شروط مناسبة نوعا ما ، وفي الوقت نفسه تبنت برنامجا متكاملا للإصلاح الاقتصادي، تناسب مع ظروف تركيا الاقتصادية والاجتماعية ، وفي عام 2015، نجحت في تسديد كافة ديونها من الصندوق النقد الدولي.    

3- التجربة اليونانية

اشترط الصندوق على اليونان اتخاذ مجموعة من الإجراءات التقشفية، مثل تحقيق فائض الإيرادات عن النفقات، مخصوم منها الفوائد المستحقة على الديون، ما أدى إلى فشل اليونان في سداد ديونها، وتزامن ذلك مع وصول نسبة ديون الناتج المحلي إلى 175% عام 2015، وارتفعت معدلات بطالة لأكثر من 25%، الأمر الذي تسبب في اضطرابات سياسية كبيرة، وبعدها اعترف المسؤولون في صندوق النقد، بأن اليونان وضعت نهاية لنظرية التقشف كوسيلة لسداد الديون.
ثم أعلن صندوق النقد، أن اليونان عجزت عن سداد ديونها للصندوق، ولم تتمكن من دفع نحو 1.5 مليار يورو كانت مستحقة عليها في ذلك الوقت، لتصبح أول دولة اروبية تراكم مبالغ متأخرة ولم تعد قادرة على الاستفادة من الموارد المالية لصندوق النقد الدولي.

4-التجربة الماليزية (تجربة تستحق الاحتذاء بها)

مهاتير محمد
مهاتير محمد
 أرادت ماليزيا أن تحصل على قرض من صندوق النقد الدولي، وطلب المساعدة لمعالجة الوضع الاقتصادي الذي كانت تمر به، فسأل الزعيم الماليزي «مهاتير محمد» رئيس الصندوق الدولي: هل ستكونون مسؤولون معنا إذا ما وقعت تداعيات سلبية من القرض والمعالجات المقترحة؟ فأجابوه: طبعا لا.. لسنا مسؤولين معك.. إننا نمنح القرض ونعطي المقترحات، وأنتم المسؤولون بعد ذلك عن كل أمر، ولا شأن لنا بالتداعيات. فرد عليهم «مهاتير» سريعا: إذن لا نريد منكم قرضا ولا مقترحات, ونحن أدرى بشؤوننا، وبسواعد وعقول أبنائنا، وسوف أعتمد على بلدي وشعبي, وبعدها خاضت ماليزيا تجربتها الناجحة، وتمكنت من معالجة وضعها الاقتصادي.

أزمة شرق آسيا عام 1997

في 2 يوليو 1997، انهارت العملة التايلندية (البات) بسبب عجز البنك المركزي عن الحفاظ على ثبات سعر الصرف بعد نفاذ احتياطه من العملات الأجنبية. بين ليلةٍ وضحاها، هبطت قيمة البات مقابل الدولار بنسبة 25%. وعلى أثر هذا الانهيار، اشتعلت الأسواق المالية في شرق آسيا ككل، وتطايرت الأموال من المصارف خوفاً من العدوى، الأمر الذي شلّ القطاع المصرفي الإقليمي المتشابك، وأطلق أزمة اقتصادية خانقة هددت الاقتصاد العالمي برمته.
ومن هنا بدأت الأزمة في ماليزيا وبدأت في القطاع المالي، متسببة في خسائر كبيرة في سوق الأسهم، وسوق تداول العملات، وبشكل عام في القطاع المصرفي, وكان من أسباب الازمة هو انسحاب المال الساخن فى توقيت واحد ومتقارب, وقد أدى ذلك بطبيعة الحال إلى انخفاض العملة المحلية وزيادة نسبة الفائدة. تأجلت خطط الاستثمار الرئيسية نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة، وكذلك واجه كثير من المؤسسات خطر الإفلاس وكذلك خطر الديون المتعثرة.

القرار الصعب 

من المؤكد ان قرار ماليزيا مخالفة توصيات صندوق النقد لم يكن قرارًا سهلًا، فالدول النامية ملاذها السهل والسريع هو طلب مساعدة صندوق النقد؛ لكن على العكس من ذلك، قررت ماليزيا رفض توصيات الصندوق، وتنفيذ برنامجها الخاص بها وكانت من أوائل الدول الآسيوية التي تعافت من الأزمة.
 تكريس السيادة الوطنية الاستقلالية كانت أحد الأسباب التي دفعت ماليزيا إلى رفض مساعدة صندوق النقد، فقد خلق في المجتمع الماليزي حالة عامة من الثقة في قدراته و الاعتماد  على النفس وحشد الكفاءات الوطنية المتخصصة , والتي حفزت على إيجاد  سياسات مبتكرة لعلاج المشكلات الاقتصادية، وتحدت صندوق النقد الدولي ونجحت, وخرجت من ازمتها الاقتصادية اكثر قوة وثقة في النفس .
- مهاتير محمد وطنيا بجانب تمتعه بقاعدة شعبية عريضة، وكان هذا من أحد أهم الأسباب التي دفعته إلى رفض سياسات صندوق النقد؛ بل تعدى ذلك الرفض إلى مطالبته العالم بإجراء إصلاحات شاملة لأسواق المال العالمية، لكبح جماح المضاربة على العملة، من أجل وقف آثارها المدمرة على الاقتصادات الناشئة.

خلاصة القول

ان صندوق النقد الدولي له أهدافه المعلنة والغير معلنة ,ولكونه المقرض ولكون المقترض كالمريض الذى يصارع الموت ,فيحق له أن يملى شروطه ليحقق أهدافه المعلنة والغير معلنة .
والمقترض عليه أن يقرر قبول اشتراطات الصندوق او رفضها ,وهل هذه الشروط تتوافق مع  بنيته الاجتماعية والاقتصادية ,وعلى قراره السيادي ,فاذا لم تتوافق فالتجربة الماليزية هي الطريق الأمثل






تعليقات

التنقل السريع